حكم اطلاق كلمة الارهاب
سئل فضيلة الشيخ حامد العلي أستاذ الشريعة بالجامعات الكويتية والأمين العام السابق للحركة السلفية بالكويت عن حكم اطلاق لفظ الارهاب أو القول أن فلان ارهابي .. وهو ماشاع بين بعض الناس وفي وسائل الاعلام كثيرا...فأجاب فضيلته على موقعه الخاص على الانترنت بما يلي:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
لايجوز إطلاق الألفاظ الدخيلة ، المجملة، المشبوهة ، على المعاني الشرعية الــتي وردت في شريعتنا باسماءها الدالة عليها ، فالله تعالى أنزل علينا العلم ، والهدى ، بالأسماء والمعاني ، وجعل في ذلك البيان التام ، والرحمة ، والشفــاء .
وفي فتح باب هذا البدعــة المضلة ،ـ أعنى استعارة الأسماء الدخيـلة الملتبسة لمفاهيم الشرع وأحكامه ـ إفساد ، وأيّ إفساد ! في الفهم ، والفكر ، والتصور ، لما جاء به الإسلام من هدى ، وشفاء .
ومن الأمثلة على ذلك ، لفظ الإرهاب :
فان كثيرا من المنتسبين إلى العلم ، انساقوا وراء هذا اللفظ الملبس ، وأخذوا
يرددونه بلا وعي ، فتحولوا إلى أبواق لما يريد أعداء الإسلام أن يبثّه من مفاهيم مغلوطة في أمتنا .
كما صنع المتكلمون سابقا في لفظ ( التأويل ) و( الجسمية ) ، و ( حلول الحوادث) ..إلخ
ذلك أن الإرهاب لفظ مجمل ، ينقسم إلى:
إرهاب بحق ، وإرهاب بباطل .
ثم إن اسم الإرهاب في القرآن لم يأت إلا في سياق المدح.
قال تعال (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ
وقال جل وعز : ( لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ)
وقال في مثل معنى الرهب،
وهو الرعـب : (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ)
وقال : (وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا)
وفي الحديث : ( فضلت على الأنبياء بست ، أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعــب ،وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا ، وأرسلت إلى الخلق كافة ، وختم بي النبيون ) رواه مسلم
وللبيهقي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعا ( ونصرت بالرعب من مسيرة شهرين يسير بين يدي ، وأحلت لي الغنائم ) .
والإرهاب بالباطل ، هو الذي يحصل به ماحرم الله تعالى ، من هتك الدماء ، والأعراض ، والأموال المعصومة ،
وهذا هو الذي تقوم اليوم قوى الكفر العالمية ، بقيادة الصهيوصليبية العالمية ،
بالمكر الأمريكي ، البريطاني ، الصهيوني ،
فقد تولّوا كبـر الإرهاب بالباطل ، وقتل النفوس المعصومة ، وسرقة الاموال المحرمة ، والعدوان على الشعوب المستضعفة منذ القرن الماضي ، بل الذي قبله ،وقـد طال ليلهم ،وعظم إرهابهم ، واشتدت جرائمهم ، غير أن الفجر قريب باذن الله تعالى .
والمقصود هنــا : أنه من المعلوم ، أنــه لايجوز أن ندرج مفاهيم شريعتنا ، تحت ألفاظ دخيلة ، يفرضها الغرب بجهله ، وقد صاغها لخدمة سياستـة القائمة أصلا على الجرائم ، والإرهاب بالباطل ، والكذب ، والنفاق ، وإبادة الشعـوب ، والسطو على ثرواتهــم.
ومن المعلوم أن من أعظــم هداية القرآن والسنة ، ومنهج الوحي المبين ، إطلاق الأسماء الشرعية الدالة على أحسن المعاني الحقة ،الــتي وردت في شريعتنا ،
والنهي عما يندرج تحته معان باطلة ،
وذلك من تمام بيان الوحي المطهر.
كما نهى الله تعالى المؤمنين عن لفظ ( راعنا )
قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
وقال (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ) ـ
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقولن أحدكم الكرم فان الكرم الرجل المسلم ولكن قولوا حدائق الأعناب خرجه أبوداود ،وهو في الصحيحين مختصرا.
وقال العلماء : المراد بالنهي تأكيد تحريم الخمر بمحو اسمها , ولأن في تبقية هذا الاسم لها تقريرا لما كانوا يتوهمونه من تكرم شاربها فنهى عن تسميتها كرما )
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : لايقولن أحدكم خبثت نفسي ولكن ليقل لقست نفسي ) متفق عليه
كما قال صلى الله عليه وسلم : لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم إلا إنها العشاء وهم يعتمون بالإبل: رواه مسلم وغيره
وجاء في هذا الباب أشياء كثيرة ، كلها ترجع إلى ما ذكرناه ،
وإذا كان هذا مبلغ حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إبقاء الأسماء الشرعية مصونة في الجزئيات ،
فكيف بكليات الدين العامة ، التــي قــد أبتلينا اليوم ، بتلبّس كثير من معانيها الحقة ، على الخاصة فضلا عن العامــة ، بسبب إدراجها تحت مصطلحات دخيلة تفسد مقاصد الشرع منها .
وكيف إذا كانت هذا المصطلحات ، قـد جاءت من الكفار ، فتتناولها أيضا النصوص المحرمة التشبه بهم ؟!
وكيف إذا كانت فوق ذلك كله ، في سياق الحرب الفكرية على الأمة ؟!!
هذا والواجب على أهل العلم ،والمتشغلين بالدعوة والفكر الإسلامي ، أن يكونوا متيّقظين للتلاعب بالألفاظ الذي يجري غالبه في وسائل الإعلام ، وأن يعيدوا ربط المفاهيم الشرعية ، بأسماءها الشرعية ، وأ، ينبهوا على ذلك في كل مناسبة ،
فانّ هذا من أوجب الواجبات لاسيما في هذا العصر، الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بـ( السنوات الخداعات ) .
ومن أمثلة هذه الألفاظ الخداعة
كما يسمي الملبسون :
سلطان الكافرين على المسلمين ( إرادة المجتمع الدولي ) !
ويطلقون على أحكام الطاغوت العالمي ( المواثيق الدولية )!
وعلى مجلس المؤامرات ( مجلس الأمن ) !
وعلى هيئة الهيمنة الصهيوصليبية ( هيئة الأمم المتحدة ) !
وعلى احتلال بلاد الإسلام والسطو على خيراتها ( تحرير ونشر للديمقراطية ) !
وعلى نشر الإلحاد الزندقة ( حرية التعبير ) !
وعلى إشاعة الفاحشة (الحريات الشخصية )!
وعلى الكافــر الباغي المحتل المعتدي على أمة الإسلام وحرماته .. ( الآخـر ) !
وعلى الركون إلى الذين ظلموا وكفروا واتباعهم ( الوسطية ) !
وعلى التنازل عن الهدى ( تسامح ديني ) !
وعلى فتح بلاد الإسلام لدعاة الصليب ومخططات الصهاينة ( حوار الحضارات ) !
وعلى راية الجاهلية الــتي تريد أن تجمع بين الإسلام والكفــر ، والتوحيد والشرك ، والهدى والضلال ، والحق وبالباطل ، الوطنــية ! و( الاخوة والوحدة الوطنية)
وعلى مطاردة المجاهدين ، والصد عن الإسلام ، ( مكافحة الإرهاب )
وتحت هذا الباب من التلاعب بالألفاظ ، الذي يحصل به تدليس وتلبيس عظيمين على المسلمين ، مالا يحصيه إلا الله تعالى ، وهو من أشراط الساعة وعلامات آخر الزمان ،
نسأل الله تعالى الثبات على الهدى ، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا إتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ، ويثبتنا على الإسلام حتى نلقاه وهو راض عنا ، آمين
هذا الحكم لم ظاعرفه إلا حديثا
ولأهميته أردت أن أنقله لكم .... جزاكم الله خيرا